ضيف حوار اليوم هي أستاذة جامعية مختصة في المسائل الاعلامية، ناشطة في عالم الأعمال.. ولدت في 22 أكتوبر 1973 بتونس تحصلت على شهادة الباكالوريا سنة 1992 لتسافر بعد ذلك إلى فرنسا لإكمال دراستها وتخصصت في هندسة المنظومة المعلوماتية وتحصلت على شهادة الدكتوراه لنفس الاختصاص سنة 2001 لتعود سنة 2004 إلى تونس أين واصلت مسيرتها المهنية في الجامعة التونسية.
هي لبنى الجريبي عضو بالمجلس الوطني التأسيسي عن حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» وتشغل خطة مقررة لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالمجلس التأسيسي وهي كذلك نائبة رئيس التوطئة واقتحمت عالم السياسة بعد الثورة إثر ترأسها لجنة برنامج «التكتل» وأصبحت عضوا في المكتب السياسي للحزب نفسه.
«التونسية» التقت النائبة «لبنى الجريبي» تحت قبة المجلس التأسيسي للنبش في خفايا الصراع الدائر بين أعضاء «الترويكا الحاكمة» ولمعرفة رأي حزب بن جعفر في التحوير الوزاري, فكان الحوار التالي:
لاحظنا في الآونة الأخيرة أن حزبكم صعّد اللهجة ضد حلفائه, ما هي أسباب ذلك ؟
– أولا نحن اليوم صلب مرحلة تكوين وبناء ثانية بالنسبة لتشكيل الحكومة ويجب أن نفهم انتظاراتها وأولوياتها من خلال تقييم المرحلة الأولى، وقد نادينا بحكومة وحدة وطنية قبل الانتخابات وبعدها، وما نلاحظه اليوم هو أن الحكومة التي شاركنا فيها شابتها اخلالات هيكلية من حيث التشاركية والتوازنات صلب وزارات السيادة.
و نحن اليوم في مفترق طرق، فقد حددنا مقاييس لإنجاح أهدافنا الأولية والإقتراب قدر الإمكان من حكومة وحدة وطنية ونعتبر أن ذلك مبدأ أساسي وجوهريّ في مرحلتنا القادمة وفي غياب هذه المبادئ لا يمكن أن نواصل على هذا المسار، ورأينا من خلال تقييمنا أن من بين الاخلالات التي طرأت على الائتلاف الحاكم مسألة التعيينات الأخيرة في السلك الإداري التي يجب أن تتماشى مع مبدإ تحييد الإدارة. فنحن نؤسس لجمهورية ثانية تقوم على تحييد الإدارة نظرا لما عانيناه سابقا من الحزب الواحد وحكم الفرد.
يجب تفعيل مبدإ حياد الإدارة ونطالب بإعادة النظر في آليات التعيين ومعاييره التي يجب أن تكون قائمة على مقياس الكفاءة لا غير. كذلك استقلالية القضاء والتوازن بين الوزارات وتحقيق مبدإ التشاركية لبناء وحدة وطنية حقيقية مع توسيع قاعدة الائتلاف، ونحن نعلم أن هناك أطرافا بصدد الإلتحاق بالحكومة وأملنا أن يقع التوسيع أكثر ما يمكن حتى تكون قاعدة الوفاق واسعة باعتباره الحل الوحيد لإنجاح المسار الديمقراطي وليس لدينا خيار سوى الوفاق فهو قدرنا.
 هل ترون أن لحزبكم حضورا سياسيا بعيدا عن الحكومة الحالية ؟
– طبعا، حزبنا قام بخيار إستراتيجي صعب ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار حيث قبلنا بالعديد من التضحيات على حساب حزبنا. ونقبل بالتقليص في عدد حقائبنا الوزارية في المرحلة القادمة، وأقدمنا على العديد من التضحيات ونعتبر أن توسيع الوفاق هو المهم بعيدا عن الحسابات الضيقة وعدد الحقائب الوزارية التي يمكن أن يغنمها أي حزب سياسي فنقاشنا يأخذ في الحسبان ماتقتضيه مصلحة تونس لإنجاح المسار الديمقراطي، ونحن ننادي بالتوسيع وبالاقتضاب في الآن ذاته حتى على حساب «الترويكا الحاكمة» ونعلم أنها خيارات صعبة ولكن يجب القبول بها ونطالب جميع الأطراف التي ستشارك في هذا الائتلاف بالتحلي بروح المسؤولية وتسبيق المصلحة الوطنية عن المصلحة الحزبية والشخصية.
 هناك من اعتبر أن حزبكم خسر قاعدته الشعبية نتيجة اصطفافه الدائم وراء حركة «النهضة» ؟
– كان لحزبنا مواقف مهمة في عديد القضايا وأصدر بيانات نابعة من مبادئنا ونظرتنا الاجتماعية والسياسية حتى وصل الأمر ببعض الأطراف إلى توجيه لوم لحزبنا نتيجة هذه البيانات التي تشبه بيانات المعارضة وواجهنا انتقادات في هذا الصدد. نحن صلب حكومة ائتلافية وطرف في هذا الائتلاف ولهذه الأسباب نطلب تفعيل آليات التشاركية التي يجب بلورتها في التحوير الوزاري المرتقب وفي الحكومة.
 هل تنوون مغادرة الحكومة ؟
– هدفنا هو إنجاح المسار الديمقراطي وليس الانشقاق، وجميع الاحتمالات واردة ونأمل أن يكون الوفاق هو السائد وأن تشمل التضحيات جميع الأطراف..
و من أهم المطالب التي طرحها حزبنا: تحقيق توازن في وزارات السيادة وتكريس مبدإ استقلالية القضاء وتفعيل هيئة الإعلام وتحييد الإدارة وتكريس التشاركية الحقيقية حتى نقدم رسالة طمأنة للتونسيين ولحلفائنا في الخارج خاصة الاقتصاديين منهم، ولكي تكون هناك إشارات إيجابية تصبغ المرحلة القادمة للوصول إلى حكومة وحدة وطنية وهذا هو الهدف، خاصة أن بعض الأطراف السياسية تنادي بحكومة وحدة وطنية ورأت أنها من مقتضيات المرحلة.
 فهمنا من كلامك أن بقاءكم في الحكومة هو رهين تحقيق مطالبكم ؟
– ليس هذا، وإنما نحن ننادي بهذه المبادئ وممثلونا سيأخذون بعين الاعتبار هذه المبادئ في المشاورات مع الأطراف الأخرى قبل الخوض في مسألة الحقائب الوزارية، ونحن متشبثون بها.
 اشترط حزبكم تخلي كلّ من وزير الخارجية «رفيق عبد السلام» ووزير العدل «نور الدين البحيري» عن منصبيهما؟
– لم يقع الإعلان الرسمي عن أسماء الوزراء، ونقاشاتنا لم تكن حول أشخاص ولكن حول المبدإ, فنحن مع التوازن في وزارات السيادة وحتى لا تكون في يد حزب واحد، ونعتبر أن التوازن في وزارات السيادة سيحقق ائتلافا متوازنا حتى تكون الخيارات الحكومية متوازنة، كما نعلم أن مسألة استقلالية القضاء جوهرية وأساسية خاصة و نحن على أبواب مرحلة انتخابية ولذلك يجب تفعيل الهيئة المستقلة للقضاء.
 من يعطّل مشروع الهيئة المستقلة للقضاء ؟
– نحن لا نستطيع أن نلوم أي طرف قبل أن نلوم أنفسنا، فأنا كنائبة في المجلس التأسيسي وقع تعطيلنا حتى في أشغال إعداد الدستور ومن موقعي لا أسمح لنفسي أن ألوم أي طرف على التأخير لأن ظروف العمل صعبة والمرحلة فيها العديد من التعقيدات.. ولكن هذا لا يعني إهمال هذا الملف الذي يجب النظر فيه اليوم قبل الغد ويجب تفعيل الهيئة في أقرب وقت ممكن.
 وجدناكم أقرب إلى المعارضة تكتفون بالمطالبة فقط دون التنفيذ، والحال أنكم حزب حاكم، فبماذا تطالبون بالضبط؟
– لنا رؤية خاصة بنا ونحن لسنا الحزب الحاكم الوحيد وإنما طرف من الائتلاف الذي يشكو عديد الإخلالات الظرفية والجوهرية في تركيبته وتوازنه، وهناك صعوبة كبيرة في تفعيل جميع الرؤى. فلو كنا الوحيدين في الحكم لاتخذنا إجراءات اجتماعية أفضل من الموجودة اليوم، وقد اقترحنا في إحدى الجلسات العامة داخل المجلس التأسيسي أن يكون هناك إعفاء جبائي يشمل ذوي الدخل الضعيف واقترحنا إجراءات اجتماعية لم تحظ بالوفاق لأننا لسنا الوحيدين في الحكم وهناك اختلاف في الرؤى بين الثلاثي الحاكم أعاق تطبيق برامجنا بحذافيرها ولكن هناك إنجازات مهمة على الصعيدين الإقتصادي والاجتماعي كان آخرها امضاء العقد الاجتماعي.
 ماذا عن نية «التكتل» التخلي عن بعض الوزارات ؟
– حزبنا يضع نصب أعينه مصلحة الوطن التي تقتضي توسيع الائتلاف الحاكم والاقتضاب في عدد الحقائب الوزارية، وهو ما يحتم على حلفائنا التخلي عن عدد من حقائبهم الوزارية.
 لاحظنا في الآونة الأخيرة تقارب وجهات النظر بين حزبكم وحركة «نداء تونس»، هل هي مقدمة لانسحابكم من الحكومة والتحاقكم بحزب السبسي ؟
– لم يقع نقاش هذا الموضوع بتاتا، ولم تطرح مسألة التحالفات القادمة في المكتب السياسي للحزب ولا صلب المجلس الوطني للحزب, فنحن بصدد إنجاح المرحلة الآنية ولدينا مؤتمر أواخر جانفي أو أوائل فيفري سنطرح فيه الخيارات الائتلافية في المرحلة الإنتخابية.

منتصر الأسودي تصوير: دارين