كان لمصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي وامين عام حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مساء يوم الأربعاء لقاء بمستمعي ومستمعات إذاعة الشباب من خلال برنامج بين اثنين .

اللقاء كان مناسبة للوقوف على أهم المراحل المتبقية من المسار الانتقالي التأسيسي وتحديدا ما نصت عليه الأحكام الإنتقالية من دستور الجمهورية الثانية من خلال الفصل 148 الذي حدد مهام المجلس الوطني التأسيسي في انتظار التئام الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة وتنصيب ثاني مجلس نواب للشعب المنبثق عن ثاني انتخابات مستقلة حرة عامة وشفافة

فبعد ان صادق المجلس الوطني التأسيسي على دستور الجمهورية الثانية إنطلق في إتمام المرحلة الإنتقالية من خلال المصادقة على القانون الانتخابي وإتمام تنصيب الهيئات الدستورية ومنها الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي باشرت اعمالها بقبول 5 طعون حول القانون الانتخابي وكان هذا أولى بشائر الممارسات الديمقراطية التي كانت الهدف الأساسي من وراء انتصاب هذه الهيئات.

ومن اهم الهيئات التي وقع تنصيبها والتي كانت محور حديث مصطفى بن جعفر خلال اللقاء الذي جمعه بإذاعة الشباب “هيئة الحقيقة والكرامة “التي وقع تنصيبها رسميا يوم الإثنين 9 جوان 2014 خلال مؤتمر دولي عقد بالمناسبة بوزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وأكد في هذا السياق رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أن تنصيب هذه الهيئة يعد تفعيلا لأهم الآليات المؤسساتية لتطبيق قانون العدالة الإنتقالية الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي في شهر ديسمبر 2013 والذي مثل نتاج عمل تشاركي كان للمجتمع المدني الدور الفاعل من خلال مواكبته لكل أطوار إعداد هذا القانون و كان موضوع استشارة وطنية من خلال الحوار الوطني الذي شمل مختلف جهات البلاد ومر بعد ذلك لجلسات أعمال لجنة التشريع التي امضت جلسات طويلة في مناقشته ومن جديد كان لمكونات المجتمع المدني مشاركة فعلية في هذا الإطار من خلال جلسات الاستماع المبرمجة في هذا الخصوص.

وإثر المصادقة على قانون العدالة الإنتقالية انطلقت أعمال لجنة فرز أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة وأبرز مصطفى بن جعفر في هذا الإطار ان عمل لجنة الفرز كان حريصا على احترام كل الإجراءات القانونية في التعامل مع ملفات الترشح المقدمة إليها وشدد في هذا السياق على حياده التام في خصوص مسألة دعمه لإحدى الترشحات في إجابة للاتهامات الموجه إليه في خصوص دعمه لترشح السيد خميس الشماري مذكرا أنه بالعودة إلى التاريخ البعيد منه والقريب فإن نقاط الاختلاف التي تشمل التوجهات السياسية والإيديولوجية بينه وبين  السيد الشماري كفيلة بتكذيب ما يقال حول دعمه وتحيزه لملف ترشح هذه الشخصية وأكد أنه حافظ على نفس المسافة من كل الأطراف وكان حريصا على حسن سير أعمال اللجنة التي تواصلت في بعض جلساتها إل ساعات متأخرة من الليل وذلك للوصول إلى توافق حول قائمة المترشحين 15 ولكن التوافق كما يعلم الجميع لا يعني الإجماع لذلك فالاحترازات المقدمة حول بعض الأسماء هي طبيعية وهي تعبير واضح عن الممارسات الديمقراطية التي أصبحت تقاليد تميز هذا الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا.

وأوضح مصطفى بن جعفر كتأكيد لعدم دعمه لأحد الشخصيات المقدمة أنه لم يكن له حق التصويت في هذه اللجنة بل كان دوره دور المسير والمشرف على حسن سير أعمالها و التي توصلت لتحديد قائمة 15 عضوا وقعت المصادقة عليها في جلسة عامة إثر ذلك.

وفي إجابة عن تساؤل حول مهام المجلس بعد المصادقة على الدستور وبعض الأصوات المطابة بحله بتعلة انه أنهى مهامه أبرز مصطفى بن جعفر وذّكّر بأن المجلس الوطني التأسيسي كان مطلب شباب ثورة الحرية والكرامة ثورة 17 ديسمبر 2010/ 14 جانفي 2011 من خلال شعارات القصبة 1 والقصبة 2 فشباب تونس وشعبه هم من أرادوا القطع مع منظومة الاستبداد والفساد وبناء تونس الحرية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، تونس بلد الديمقراطية وحقوق الإنسان، المواطن التونسي بمختلف مذاهبه وانتماءاته الحزبية كتفعيل مادي لقدسية مفهوم المواطنة الذي ترسخ بالمصادقة على دستور الجمهورية الثانية.

وفي نفس الإطار أوضح مصطفى بن جعفر أن نواب المجلس الوطني التأسيسي واصلوا العمل بعد المصادقة على الدستور من أجل إتمام هذه المرحلة الإنتقالية الديمقراطية التي تعكس تميز هذه التجربة التونسية الديمقراطية الفريدة التي اختارت صندوق الاقتراع الذي منح لنواب الشعب يوم 23 أكتوبر 2011 الإمكانية لانطلاق في بناء الجمهورية الثانية وإثر إتمام المسار الدستوري واصل المجلس الوطني التأسيسي عمله من خلال ما نصت عليه أحكام الفصل 148 من دستور الجمهورية الثانية والذي شكل خارطة الطريق بالنسبة له ولكل القوى الوطنية في البلاد من أجل الوصول إلى موعد الانتخابات القادمة كتتويج لهذا المسار الانتقالي الديمقراطي والسلمي.

وشدد مصطفى بن جعفر في هذا السياق بأن المجلس الوطني التأسيسي نجح في أن يوفق بين الشرعية الانتخابية التي يمثلها المجلس الوطني التأسيسي وبين الشرعية التوافقية التي فرضتها الساحة السياسية وذلك في إطار تغليب المصلحة الوطنية العظمى على كل التجاذبات السياسية وكان ذلك من خلال تفاعل المجلس الوطني التأسيسي مع كل ما يدور من حوله وترجم هذا التفاعل من خلال الحوار الوطني الذي واكب كل المراحل الكبرى لأعمال المجلس من ذلك المسار الدستوري والمسار الانتخابي.

وهذا ما عاشته الساحة السياسية في الأيام الأخيرة من خلال الجدل القائم حول تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية أو مسألة تسبيق إحداها ومسألة تحديد موعد كل منهما.

واوضح مصطفى بن جعفر في هذا الصدد أن المجلس الوطني كان وسيظل دائما منفتحا على كل مبادرات الحوار والتشاور بهدف الوصول إلى توافق يجسد الوحدة الوطنية ويمكننا من إتمام هذا المسار في أطيب الظروف ولكن هذا لا يتعارض مع التأكيد على الدور المفصلي للمجلس الوطني التأسيسي الذي ستبقى له الكلمة الأخيرة في الحسم.

وأوضح في جانب آخر أن على الهيئة المستقلة للانتخابات تقديم مقترح في خصوص تحديد تاريخ الانتخابات المقبلة مع تحديد رزنامة واضحة تقدم للمجلس الوطني التأسيسي الذي يعمل على عرضها على الجلسة العامة ليحدد بذلك تاريخ الانتخابات القادمة والرزنامة المصاحبة لذلك.

وأضاف مصطفى بن جعفر في هذا الإطار أن المجلس الوطني سيتحمل مسؤولياته كما تحملها دائما إن لم يقع التصريح بتاريخ للانتخابات المقبلة قبل تاريخ 23 جوان 2014 وهو تاريخ عملية انطلاق تسجيل الناخبين والناخبات وذلك للحرص على احترام الآجال التي نص علها دستور الجمهورية الثانية في ما يخص التئام الانتخابات الرئاسية منها والتشريعية قبل موفى سنة 2014.

وفي تأكيده على تحمل المجلس الوطني التأسيسي لمسؤولياته ذكّر رئيس المجلس الوطني ّالتأسيسي مصطفى بن جعفر بأحداث صائفة اوت 2013 إثر الأزمة التي عاشتها تونس بعد اغتيال الشهيد الحاج محمد البراهيمي التي استوجبت تعليق أشغال المجلس الوطني التأسيسي من طرف مصطفى بن جعفر هذا القرار السياسي والوطني بامتياز الذي كما سبق وان ذكر ذلك مصطفى بن جعفر في لقاءات إعلامية سابقة بانه قرار اتخذه مصطفى مع بن جعفر .

هذا القرار الذي أوضح مصطفى بن جعفر بانه جاء نتيجة إيمان راسخ بضرورة إيقاف موجة الاحتقان والغضب التي كانت تملأ الشارع التونسي وكانت السبب في وضع الأسلاك الشائكة بين أبناء الشعب الواحد على مسافة بضع الأمتار من بيت الشعب المجلس الوطني التأسيسي وكان بذلك تعليق أشغال المجلس دعوة صريحة من مصطفى بن جعفر إلى وضع كل الاطراف أمام مسؤولياتهم التاريخية إزاء هذا الوطن وكانت دعوته يوم 6 أوت 2013 إلى الالتفاف حول مائدة الحوار ولم شمل كل القوى السياسية والنقابية والتعهد بالتنقل شخصيا إلى مقابلة كل القادة السياسيين مع التخلي على كل ما تستجوبه قواعد البرتوكول ومن هنا كانت زيارته لكل من الباجي قائد السبسي ونجيب الشابي وكل القادة السياسيين وعقلاء ومفكري هذا الوطن من أجل هدف واحد المصلحة الوطنية والابتعاد عن التجاذبات السياسية وإكمال هذا المسار الانتقالي الديمقراطي والسلمي في كنف روح التصالح والتوافق السياسي الذي أوصل المجلس الوطني التأسيسي إلى اليوم التاريخي الذي عاشته تونس بكل فخر واعتزاز يوم 26 جافني 2013 يوم المصادقة على دستور الجمهورية الثانية بنسبة 200 صوت من جملة 217 وفي هذا دليل قاطع على نجاح تونس في المصادقة على دستور يمثل كل التونسيين والتونسيات.

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بتقييم الحوار الاقتصادي الجاري منذ أسابيع اوضح مصطفى بن جعفر أن البلاد تعيش ظرف اقتصاديا صعبا هو بمثابة الوضع المنتظر بعد كل ثورة تقوم في أي بلد من بلدان العالم بما أن هذه الثورة جاءت للقطع مع منظومة الفساد التي نخرت الاقتصاد الوطني لعقود عديدة إلى جانب الوضع الامني لبلدان شقيقة منها الشقيقة والوضع الاقتصادي العالمي والاوروبي خاصة.

واضاف بن جعفر أن استنادا لهذا الإطار العام فبان الحوار الوطني يمثل فكرة طيبة لكنها متسرعة لان الحكومة الحالية لم تتقدم بورقة عمل للنقاش و لتكون منطلق لوضع إصلاحات تساهم في انفراج الوضع الاقتصادي ككل .

وأضاف بأن الضروري اليوم هو إعطاء رسالة طمأنة لكل أشقائنا واصدقائنا والمجتمع الدولي ككل لكي نتمكن من استرداد فرص الاستثمار والتعاون الدولي التي لا يمكن ان تنجز إلا في أجواء آمنة ومطمئنة لكل هذه الدول وهذا لا يمكن ان يتحقق إلا بالوصول إلى إتمام هذا المسار الانتقالي وتتويجه بتنظيم الانتخابات المقبلة وهذا بدوره كان ولا يزال الدور الأساسي لهذه الحكومة الحالية.

فالوضع الاقتصادي يستوجب كما هو معلوم إصلاحات يجب أن تشمل كل الميادين منها المنظومة البنكية والمنظومة الجبائية وهذا يستوجب وضع مخطط للإصلاحات على المدى الطويل ولا يمكن لحكومة مؤقتة ل6 أو 8 أشهر ان تحقق ذلك ولكن هذا لا يمنع في أن يتواصل العمل في طريق ترشيد النفقات وتقليصها بصفة محكمة ومدققة مع الحرص على تفعيل المنظومة الجبائية والتركيز على ضرورة اعتبار دفع الجباية من طرف المواطنين والمواطنات واجب وطني ومقدس من اجل دعم الاقتصاد الوطني والتقليص من المديونية وشدد في هذا الإطار مصطفى بن جعفر ان التصدي لهذه الظاهرة يعد أولية من أولويات عمل الحكومة الحالية.

وتواصل الحديث مع مصطفى بن جعفر في موضع آخر من الحوار الذي جمعه بمستمعي ومستمعات إذاعة الشباب باعتباره أمين عام حزب التكتل الديمقراطي وطرح عليه سؤال يخص التقارب الحاصل بين حزب التكتل وأحزاب اخرى منها التيار الديمقراطي وحركة الوحدة الشعبية وعبر مصطفى بن جعفر في هذا الإطار عن سروره بهذا التقارب المنتظر بين كل القوى الوسطية التي تعكس الطبيعة الحقيقية للشعب التونسي والتي تؤكد على أن تونس لا يمكن ان تساس إلا بسياسة احزاب وسطية بعيدا عن الإستقطابات الثنائية التي لا تتماشى مع تونس الجديدة تونس، الديمقراطية التعددية ،تونس الوسطية والتسامح الفكري مع المحافظة على خصوصية المجتمع التونسي الضارب في تاريخ الحضارات الإنسانية والمنخرط في منظومة حقوق الإنسان الكونية.

واوضح مصطفى بن جعفر في نقطة أخيرة من هذا الحوار من خلال إجابته على مسألة فرضية استقالته من منصبه كرئيس للمجلس الوطني التأسيسي في صورة ترشحه للانتخابات الرئاسية بان مسالة ترشحه من عدمها تعود إلى قرار حزبه حزب التكتل وإلى المجلس الوطني للحزب الذي تعود عليه هذه الصلاحية بعد أن يقوم بمشاوراته الداخلية وأن الاستقالة من المجلس الوطني التأسيسي وإن كانت واردة في توقيتها المناسب مع الحرص على ان لا تهدد هذه الاستقالة توازن واستقرار المؤسسة .

وشدد مصطفى بن جعفر أن تاريخه النضالي خير شاهد على عدم إعطاءه الاولوية للمناصب والكراسي وإنما كان دائما يضع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات وان المهم في هذه المرحلة هو بناء جسر الثقة بين المواطنين والمواطنات والمشهد السياسي التونسي الجديد الذي يستوجب تواجد تعددية حزبية وسطية واجتماعية و اقتصادية لطمئنة الشعب التونسي والمجتمع الدولي ككل لتكون خير رسالة تبعث بها تونس للعالم كله ،تونس التي اختارت منهج السلم والتوافق من أجل المصلحة الوطنية .

واضاف مصطفى بن جعفر أن هذا كان مطلبا ناضل من أجله لمدة عقود عديدة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية و تطبيق منظومة حقوق الإنسان الكونية و وتجسيد صورة للنموذج التونسي القائم على منهج الاعتدال والوسطية والتقدمية التي تجعل من تونس نموذج يحتذى وبرهان على نجاح أولى التجارب الديمقراطية الإنتقالية السلمية والابتعاد الكلي عن فكرة التناحر بين الحداثيين والإسلاميين.

وتوجه مصطفى بن جعفر في ختام لقائه بمستمعي ومستمعات إذاعة الشباب إلى كل شباب تونس الذين اعتبرهم أكبر مساهم في ثورة الحرية والكرامة وهم أيظا المسؤولون على مآل هذه الثورة لذلك دعاهم إلى الوقوف كما كانوا دائما أمام قوى الثورة المضادة وذلك من خلال الحرص الشديد على دعوتهم للمشاركة في الانتخابات القادمة رغم شعورهم بعدم الرضى على ما تحقق إلى يومنا هذا من استحقاقات ثورة الحرية والشغل والكرامة مؤكدا أنه متفهم لكل انتقادات شبابنا وعدم رضاهم لأنهم لم يلمسوا تحسنا في اوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وذلك لظرف العام الصعب لكل البلاد ولكن شدد مصطفى بن جعفر على ثقته المتناهية في شباب شعب تونس الذي أراد الحياة وعليه أن يتشبث بها ويكون صرحا منيعا أمام عودة منظومة الفساد والاستبداد وهذا لن يكون إلا ّ بمشاركة حثيثة في الانتخابات القادمة ليكون صوت شباب تونس الصوت الذي يعلو ولا يعلى عليه صوت الأمل في بناء تونس الحرية ،تونس الكرامة ،تونس بلد يمثل شبابه نسبة 60% من جملة مواطنيه ومواطناته نسبة تعكس قيمة الثروة البشرية التي تتمتع بها بلادنا والتي لا تضاهيها أي ثروة اخرى .