يعيش الشعب التونسي بكلّ أجياله وقواه الحيّة، بكلّ رجاله ونسائه وأبنائه وبناته من الوطنيّين الأحرار مرحلة ولادة جديدة بعد مخاض عسير وطويل تكاثفت فيه نضالات كلّ الأطياف السياسية وتضحياتهم عقدا بعد آخر وسنة بعد أخرى إلى أن كانت تضحية الشهيد محمّد البوعزيزي بحياته فأجّجت ثورة عارمة في كلّ مدن تونس وقراها لم تهدأ نارها ولم يهدأ هديرها حتّى جرف معه الطاغية وأذنابه وبشّر بفجر يوم جديد في 14 جانفي 2011 يؤذن بولادة تونس الحرّية، تونس الديمقراطية،  وتونس الكرامة، والشهامة والعزّة.


وإنّ هذا المجلس الوطني الاستثنائي للتكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات وهو ينحني بكلّ خشوع مع كلّ أحرار تونس أمام شهداء هذه الثورة لَـيُعاهد أرواحهم الزكيّة أنّ دماءهم وتضحياتهم  لن تذهب سدى وأنّها ستبقى علامة مضيئة نهتدي بها جميعا على طريق الحرّية والانعتاق ودرب الكرامة والعدالة.
واليوم وقد خلّصت ثورة الشعب والشباب بلادنا من براثن المُفسدين، فإننا ندعو كلّ التونسيين والتونسيات إلى صيانة الثورة وملازمة اليقظة والتبصّر لكي لا تلتفّ أيادٍ أخرى على ثورتهم العظيمة أو يهمّشوا أهدافها كما فعل صنّاع 7 نوفمبر 1987 بالتفافهم عندئذ على مطالب القوى الحيّة التونسية ونضالاتها وأوهموا التونسيين والتونسيات ببداية “عهد جديد”.. فكان عهد الاستبداد والظلم والقهر والثراء الفاحش والفساد المستشري.
هذا، وإنّ المجلس الوطني للتكتّل الديمقراطي، وفي نفس التوجّه الذي أعلنه بيان المكتب السياسي للحزب الصادر يوم الأربعاء 19 جانفي 2011، يعتبر أنّ الإجراءات والمبادرات التي اتُخِذت قبل وبعد تشكيل الحكومة المؤقتة، ورغم انخراطها في الاتجاه الصحيح، فهي لم تبعث في الوقت المناسب رسالة تفيد بكلّ جلاء القطع الكامل مع الماضي ورموزه في شتّى المستويات ومع المنظومة السياسية التي رفضها الشعب وعانى الكثير من ويلاتها وقدّم من أجل تغييرها التضحيات الجسام وعشرات الشهداء؛ ولذلك وفي إطار التنسيق مع الاتحاد العام التونسي للشغل قرّرنا عدم المشاركة في الحكومة الانتقالية بتركيبتها الحالية، مع التزامنا بالمساهمة الفعّالة في أشغال اللجان العليا الثلاث المعنية بالإصلاح السياسي وباستقصاء التجاوزات وبقضايا الفساد والرشوة.
وبناء على كلّ ما تقدّم، فإنّ المجلس الوطني للتكتّل، في دورته الاستثنائية هذه يؤكد على أنّ متطلبات المرحلة الراهنة وانسجاما مع أهداف ثورة الكرامة تتمثّل في ما يلي:
1 – تشكيل حكومة مؤقتة تُجسّم إرادة الشعب في القطع مع الماضي ورموزه وتحظى بثقته وثقة قواه الحيّة في مختلف أطرها ومواقعها، تُعنى بتصريف الأعمال وضمان استمرار دواليب الدولة في أفضل الظروف.
2 – تجميد نشاط حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وتجميد ممتلكاته وحساباته البنكية باعتبارها ممتلكات الشعب التونسي حتى تنظر لجنة تقصي التجاوزات ولجنة قضايا الفساد والرشوة في ملفه وتتخذ فيه قرارات .
3 – رفع التفرّغ الذي كان ممنوحا لآلاف من مسؤولي التجمع الدستوري الديمقراطي ومنخرطيه من أموال الشعب وخزينة الدولة.
4 – حلّ جميع الشعب المهنية للتجمع الدستوري الديمقراطي في كلّ المؤسّسات العموميّة والخاصّة والتي كانت كابوسا على كل العاملين بالفكر والساعد.
5 – إقرار تعويضات عاجلة لعائلات الشهداء الذين سقطوا في الثورة، ولعائلات ضحايا القمع والاستبداد طيلة السنوات الأخيرة.
6 – اتخاذ إجراءات عاجلة لفائدة العاطلين عن العمل بتوفير كلّ ما يمكن حاليا من مواطن الشغل الكريم وبإقرار منحة بطالة وبتوفير التغطية الاجتماعية والصحيّة.
7 – تشكيل هيئة عليا مستقلّة لتسيير وسائل الإعلام الرسمية العموميّة.
8 – اتخاذ تدابير عاجلة لحماية الوثائق والأرشيف في إدارات الدولة وفي المؤسسات العموميّة وشبه العموميّة من أيّ إتلاف وأيّ تسريب.
9 – استشارة أحزاب المعارضة الديمقراطية والمنظّمات والجمعيات المستقلة وإشراكها في عمل اللجان العليا الثلاث وعدم الاقتصار في تركيبتها على المختصّين والفنّيين.
ولا يفوت المجلس الوطني للتكتّل أن يعبِّر عن تقديره في هذه المرحلة الانتقالية الصعبة للدور الذّي يقوم به رجال الأعمال الوطنيّون حرصا على استمرار الدورة الاقتصادية وتوفير مواطن الشغل وحماية المؤسسات.
إنّ المجلس الوطني إذ يحيّي جيشنا الوطني تحيّة إكبار وافتخار لدوره التاريخي في حماية الوطن والشعب وصيانة مكتسبات البلاد وصيانة النظام الجمهوري ومبادئ الجمهورية وأسسها، فإنّه يحيّي مجدّدا ثورة الشباب باعتباره طليعة الشعب التونسي ويهيب به أن يضع دائما نُصْب عينيه حماية الثورة والحفاظ على مكتسبات البلاد.

عاشت الثورة، عاشت الجمهورية، عاش الشعب التونسي

عن المجلس الوطني
رئيس الدورة الاستثنائية
المنصف الصالحي،
الكاتب العام لجامعة التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات  في سيدي بوزيد