السادة والسيدات
الإخوة والأخوات
رؤساء ورئيسات وممثلي وممثلات الأحزاب والمنظمات التونسية في تونس والمهجر
ضيوفنا الكرام
باسم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ،قيادة وإطارات أرحب بكم وأشكركم على حضوركم مؤتمرنا الأول ومساهمتكم في إعطاء هذا الحدث الإشعاع الذي يليق به .


أوّد أن أشكر كذلك كلّ من ساهم وساعد في أن ينتظم هذا اللقاء في هذا الفضاء الرحب الجميل، وأخصّ بالشكر رئيس الجمهورية الذي أعطى الضوء الأخضر ممّا سمح بفتح الأبواب الموصدة التي كم أملنا وطالبنا بأن تكون مفتوحة بانتظام بعيدا عن المناسبات والظرف.
تأسس التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات سنة 1994 من مناضلين ينتمون لمشارب فكرية وسياسية مختلفة جمعهم الإيمان بضرورة العمل الديمقراطي  والإصلاح الديمقراطي وجمعهم الإيمان بأن الحريات لا تتجزأ ولا تقبل المساومة وأنه لا يمكن أن نواصل العيش في وضع نقبل فيه القمع ونصفق له وأنّ المصلحة  الوطنية تفرض علينا جميعا مهما كانت انتماءاتنا أن نعمل من أجل أن نعيش في تونس في وضع أفضل وأن يشارك الجميع بدون إقصاء في نحت مستقبل هذا الوطن العزيز. جمعتنا فكرة أن الديمقراطية هي الحل وأن الديمقراطية هي تشريك كل الطاقات في مجتمع المواطنة الذي لا يقبل أي شكل من أشكال التمييز بين عناصره رجالا ونساء شبابا وشيوخا مهما كانت انتساباتهم الجهوية ومهما كان مستوى عيشهم الاجتماعي لا فرق بين الغني والفقير ولا فرق بين من يعيش في مدينة ساحلية ومن يعيش في مدينة داخل تراب الجمهورية. جمعنا كذلك اقتناعنا بأن التنمية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالديمقراطية وأن الديمقراطية ليست إلا أداة لتشريك كل الطاقات وكل المواطنين والمواطنات في نحت مستقبل هذه البلاد العزيزة علينا. جمعتنا كذلك فكرة أنه من الضروري مراجعة سياستنا الاقتصادية حتى يقع التوزيع العادل للثروة الوطنية حيث لاحظنا وأن الشغالين و الكادحين منذ زمن طويل قدموا التضحيات الكبيرة وأصبحت مساهماتهم في الدورة الاقتصادية للبلاد أهم مما كانت عليه ولكن جزاءهم تناقص مع مرور الزمن. فلا بد من مراجعة هذه السياسات لأن مفهومنا للاستقرار الاجتماعي وللسلم الاجتماعي ولاستقرار البلاد ككل ينطلق من تحقيق السلم الاجتماعية وهي عنصر أساسي للاستقرار السياسي وللأمن بمفهومه العام في البلاد . 
أخواتي إخواني
سيداتي سادتي
ضيوفنا الكرام
ينعقد هذا المؤتمر الأوّل لحزبنا، حزب التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريّات تحت شعار “من أجل مجتمع المواطنة ” ولقد أردنا بذلك أن يكون هذا الشعار عنوانا على المسيرة النضالية لحزبنا وتحديه لشتّى الصعوبات التي ما فتئت تواجهه منذ الإعلان عن تأسيسه في 9 أفريل 1994، وعنوانا على الدّور الذي رسمه لنفسه في أن يكون مُسْهما فاعلا في بناء تونس الحريّات والديمقراطيّة والحداثة، والتي يعيش فوق أديمها مواطنون لا رعايا، يعملون بصفتهم تلك، في نخوة واعتزاز، على أطراد تقدّمها وضمان مناعتها واستقرارها، بما يوّفرونه لها من أمن سياسيّ وعدالة اجتماعيّة وطمأنينة في القلوب ومساواة بين رجالها ونسائها وطموح يحدو الجميع نحو الأفضل.
وإنّ هذا الشعار ليكتسي أهميّة مخصوصة في هذه السنة حيث ستعرف البلاد في موفّاها انتخابات رئاسية وتشريعيّة من المطلوب ألاّ تكون مثل سابقاتها، لا لون لها ولا طعم وأن تخرج عن إطار مجرّد الموعد الانتخابي الشكليّ، وأن تهيئ الأشهر القليلة الفاصلة عن إجرائها إلى أن تمثّل هذه الانتخابات منعرجا يُمكن أن يحييَ جذوة الأمل ويخرج المجتمع التونسي من أجواء الإحباط السياسي الخانق. ولئن كان هذا الأمل الذي يحدونا نسْبيًا نظرا لما نلاحظ من تكلّس في العقلّيات في الممارسات على أرض الواقع، فإنّ هذا لا يمنعنا من التأكيد على أنّ انتخابات 2009 ستمثل امتحانا حقيقيّا وحاسما للسلطة وللمعارضة على السواء، بعد كلّ المناسبات الانتخابيّة المهدورة التي عرفتها بلادنا منذ الإعلان عن الجمهورية سنة 1957 إلى الآن، والتي فقدت معها العملية الانتخابيّة عندنا كلّ مصداقيّة.
لقد استطاعت تونس بفضل ما تزخر به من طاقات وبفضل ما تتمتّع به شخصيّة شعبنا من تأصّل في حضارته العربية والإسلامية وقدرة التفتّح على حضارات الشعوب الأخرى أن تنحَت لنفسها عبر العصور موقعا متميّزا في تاريخ البشريّة، لم يزده الفكر الإصلاحيّ التنويري الذي صدع به رجالاتها في القرن التاسع عشر والنصف الأوّل من القرن العشرين إلاّ تجذّرا ووعْيا بمتطلبات التقدّم والحداثة. ولم تزده تضحيات الحركة الوطنيّة بمختلف حساسيّاتها، إلاّ شحذا للعزائم في سبيل التحرّر وبناء الدولة وإرساء المجتمع العادل وتحقيق الكرامة للجميع.
ولئن حقّق شعبنا مكاسب هامّة، خاصة في مجالات التعليم والصحّة وتحرير المرأة وتحسّن مستوى العيش عامّة، فإنّه لمن المفارقات الغريبة في التاريخ السياسي الحديث أن نلاحظ أنّ السلطة قد اتخذت منذ الاستقلال من وِصاية الدولة على الشعب أسلوبا للحكم ولقد كان من المأمول، بل ومن المفروض، وقد صارت تونس تزخر بالكفاءات رجالا ونساء وفي كلّ المجالات، بعد ثلاثة عقود من الاستقلال، وخاصّة بفضل انتشار التعليم وجودته في تلك المرحلة، وبفضل ما اكتسبهُ التونسيّون من وعي ونضج، أن تدخل تونس عن جدارة في مرحلة جديدة بعد التغيير الذي وقع في أعلى هرم السلطة يوم 7 نوفمبر 1987، خاصة وأنّ البيان الذي أعلن عن هذا التغيير قد جاء مُجمِّعًا لكل ما كانت تناضل من أجله الحركة الديمقراطية، ونتيجة لذلك أحرز توافقا يكاد يكون جامعا و لكنّه لم يدم طويلا.
إن المدخل الرئيسي لإرساء الديمقراطية و لبناء مجتمع المواطنة هو احترام الحريات الأساسّية وتركيز الآليات التي تسمح بإقامة الحوار الوطني في صلب المجتمع وتضمن دوامه وتوجد ظروف إثرائه. إن هذه الآليات لا تغرس في صلب المجتمع إلا بقيام مؤسسات جمهورية حقيقية وفاعلة وإتاحة الظروف الضرورية لاضطلاع المعارضة الوطنية ومكونات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالدور المنوط بكل طرف منها من أجل مجتمع المواطنة المنشود
إنّ التكتّل الديمقراطيّ من أجل العمل والحريّات يؤكد تمسّكه مع سائر القوى الحيّة بالبلاد بالنظام الجمهوري وبإعادة الاعتبار لأُسُسه ومنطلقاته ورهاناته ورفض منظومة الاستثناء والاستفراد بالحكم، وهو مصمّم على مواصلة العمل المشترك مع القوى الحيّة من أجل الانتقال بتونس إلى نظام جمهوري ديمقراطي يكفل الحريّات وسيادة القانون ويضمن الفصل والتوازن بين السلطات والتداول الديمقراطي على الحكم. إنّ إعادة الاعتبار للدستور تمّر حتما بإصلاحات دستوريّة شاملة، لا تحقّق إلاّ بأسس ومبادئ من أهمها:
•    تحديد ولاية رئيس الجمهوريّة بدورتين فقط و إعادة توزيع السلطات بما يحقّق توازن الصلاحيّات بينه وبين الحكومة.
•    تكريس الدور التشريعي لمجلس النواب بما يكفل التوازن بين السلطات وإقرار مسؤوليّة الحكومة أمام مجلس النواب.
•    تكريس استقلال السلطة القضائيّة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذيّة تحت إشراف مجلس أعلى أمام مجلس النواب.
•    تكريس استقلال السلطة القضائية استقلالا تامّا عن السلطة التنفيذيّة تحت إشراف مجلس أعلى للقضاء يكون منتخبا. (أغلبية أعضائه)
•    إرساء محكمة دستورية تنظر في مدى ملائمة القوانين الذي تسنّ بالبلاد لأحكام الدستور، ويحقّ للتنظيمات وللمواطنين رفع التظلّمات لديها.
•    إطلاق سراح كافّة المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو التشريعي العامّ.
•    وضع حدّ للمحاصرة المسلّطة على الأحزاب والتنظيمات المستقلّة وإقرار الدعم العمومي لسائر الأحزاب السياسيّة وللصحف التي تصدرها، دون قيد أو تمييز، والتنصيص على ذلك قانونا، وإقرار حقّ التنظّم لكلّ الراغبين في العمل المدني القانوني.
•    رفع كلّ أشكال القيود والوصاية على الإعلام قانونا وممارسة وفتح فضاءات الإعلام الوطني أمام الأحزاب والتنظيمات المعترف بها لإبلاغ أصواتها إلى المواطنين بكلّ حريّة.
•    إقرار نظام انتخابي يضمن التعدّد في المجالس النيابية، ويوكل الإشراف على العمليّة الانتخابية إلى هيئة وطنية مستقلة الإشراف على العملية الانتخابيّة برمتها .
•    هنا أريد –إن سمحتم-أن أتوقف عند مسألة أثارت الجدل وهي مسألة الملاحظة الدولية التي أعتبرها “زوبعة في فنجان” وإذا كانت هذه القضية تطرح بهذا الحماس وفي بعض الأحيان بنوع من التشنج فلأن هناك أزمة ثقة تدعمها نتائج الانتخابات السابقة. فمثلا في المجال الرياضي لماذا اللجوء إلى حكّام أجانب لو لم يكن هناك تخوف من التزييف. ونحن لسنا متشبثين بمسألة الملاحظة الأجنبية وممكن أن أقول أن هذا من مصلحة الحكومة المطالبة به حتى تؤكد بأنه ليس لها ما تخفيه. نحن متشبثون بالسيادة الوطنية ولذلك نحن نكون مرتاحين لو قبلت السلطة بإشراف هيئة وطنية مستقلة على العملية الانتخابية ورئيس الدولة أكد في مناسبتين أنه ليس هناك مشكل في الملاحظة الأجنبية ولكن بعد مدة لوحظ تراجع بعض المسؤولين عن ذلك نحن نقول دعنا من كل هذا، ولتقع الأمور بين التونسيين ولتشكل هيئة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات والكرة الآن في ملعب السلطة فلماذا لا تكون هناك هيئة وطنية مستقلة أم أن المطالبة بذلك أيضا يعتبر استقواء بالخارج .
هذا يجرني إلى طرح مسألة السيادة الوطنيةحيث كثيرا ما يقع حولها جدل مغلوط. ليس هناك أي مجال وأي إمكانية لفرض قرار ما على الدولة التونسية إن هي ترفضه رغم ما جاء في الفصل الثاني من اتفاق الشراكة وعلى الرغم من أهمية هذا الفصل الذي يدعو إلى احترام الديمقراطية و حقوق الإنسان. و نحن ننرى من الأفضل أن تتوخي الدولة سياسة خارجية طموحة و أن تأخذ المبادرة في احترام قيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان عوض البقاء في موقف دفاعي و دعائي لدرء التهم، والحكومة تعرف أن هناك فصول في هذا الاتفاق تمنع منعا باتا التدخل الأجنبي وتترك للحكومات وللدول المجال في تحديد سياساتها سواء كان في المجال السياسي أو الثقافي. أما الحديث عن الاستقواء بالخارج وعلى المس من السيادة الوطنية فلا معنى له، اللهم إذا أردنا أن نضع المعارضة الوطنية المستقلة في ركن الزاوية لإثارة الرأي العام ضدها ؟؟؟
•    مسألة أخرى أريد الحديث فيها وهي المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة. لقد أقر مجلس إطارات التكتل مبدأ المشاركة والاستعداد لها وأقر تقديم مرشح للرئاسية رغم ما في القانون الاستثنائي من نوايا إقصائية. كلنا يعرف أن الظروف ليست مشجعة لان الانتخابات في الحقيقة هي تتويج لمسار. إن المشكلة الرئيسية التي تعترضنا هي استقالة المواطنين، وتقييمنا لانتخابات 2004 هو أن المقاطعة لم تغير شيئا من هذا الوضع إن لم نقنع المواطن بجدوى الاستعداد إلى المشاركة بداية بالترسيم على القائمات الانتخابية . فكيف سنعيد المصداقية لصندوق الاقتراع إن لم يساهم المواطنون في مراقبته وحمايته ..
إن المتابع للتجربة التونسية يلاحظ أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية في
1981و 1989 و 1994 و 1999 و 2004  لم تحدث تغييرا ملموسا في وضع الحريات  بصفة عامة ولم تدفع بالانتخابات نحو المزيد من النزاهة و الشفافية بصفة خاصة. و لم تدخل المعارضة إلى البرلمان، منذ انتخابات 1994، إلاّ بإرادة السلطة و عبر قواعد غير مألوفة هي أقرب إلى التعيين المتستر منها إلى الانتخاب الحرّ. كما يلاحظ أن نسبة المشاركة لم تنزل مرة تحت 80 في المائة بل هي ارتفعت إلى أرقام تحسدنا عليها بلدان أوروبا الشرقية قبل انهيار حائط برلين: 95،47 في المائة (1994)، 91،51 في المائة(1999)،91،45 في المائة (2004) ؟؟؟ أما الواقع الذي لم يعد من الممكن طمسه فهو عزوف المواطنين الذي يشكّل، بالنسبة لكل من تهمّه المصلحة العامة، الخطر الأصلي الذي يهدد مناعة البلاد و استقرارها.
و هكذا يتضح أنّ القضية الأصلية تتعلق بقدرة الفاعلين المنخرطين في العمل السياسي و النقابي و الجمعياتي على مقاومة العزوف و تنمية اهتمام المواطن بالشأن العام من أجل تحقيق المشاركة الفعلية
وهي لبّ الديمقراطية.
و قد سبق أن قدمنا جملة من الاقتراحات حتى تكون الانتخابات أقرب من الانتخابات التنافسية:
1- لا بدّ من سلطة محايدة تعمل باستمرار و تتابع كل مراحل العملية الانتخابية، من الترسيم على القائمات الانتخابية إلى الاقتراع و الفرز و الإعلان عن النتائج. لهذه السلطة الذاتية المستقلة عن كل سلطة أو جهاز تنفيذي و اللجان القارة و الميزانية الخاصة.
2- الفصل بين الانتخابات الرئاسية و الانتخابات البرلمانية.
3- توخي نظام انتخابي يمزج بالتوازي بين الأغلبية و النسبية.
4- بعث محكمة دستورية مستقلة تسند لها مهمة قاضي الانتخابات و يمكن لكل مواطن التظلم لديها.
5- احترام المعايير الدولية في تحديد عدد مكاتب الاقتراع.
6- تقسيم الدوائر  بشكل يقلص من حجمها و يكون بالطبع مغايرا للتقسيم الإداري.
7- الترسيم الآلي على قائمات الناخبين لكل مواطن بلغ سن الانتخاب.
8-  تكريس حياد الإدارة حتى تجسم المساواة خلال الحملة الانتخابية و يوم الاقتراع.
9- التخلي الآلي عن رئاسة الحزب من طرف الفائز في الانتخابات الرئاسية.
•   
•    إن مسألة المشاركة من أجل مقاومة الإحباط و اللامبالاة مسألة وطنية تتجاوز الأطر الحزبية ولذلك طالبنا ببعث ائتلاف من أجل انتخابات ديمقراطية ،إنها معركة جماعية : الرهان هو تغيير قواعد اللعبة..
•    .(البقية عندك إضافة إلى  مسألة التعليم)
•    هنالك ربط ارتجلته بين الباب السياسي و الاقتصادي
إنّ مسالة التشغيل تندرج ضمن هذه القضايا المصيرية التي تأكدت معالجتها نتيجة ما تشهده البلاد من بطالة لم تتراجع عموما  وتفاقمت بشكل خطير بالنسبة إلى حاملي الشهادات، ولا شكّ أنّ ما عاشته منطقة الحوض المنجمي منذ بداية هذه السنة يؤشر بوضوح على خطورة الوضع وعمق الأزمة.
والحلّ ليس الحل الأمني. الحل يأتي من خلال مثل هذا الحوار وبتشريك كلّ الأطراف المعنية في كلّ المراحل ودون أي إقصاء.

•    لماذا لم يتمكن اقتصادنا من توفير ما يكفي من مواطن الشغل؟
•    لماذا يجد طالبو الشغل أنفسهم من حيث التكوين في وضع لا يتلاءم مع ما هو مطلوب؟
•    ما هي الإشكالات التي تعرقل العلاقات الشغليّة؟
إن طرح هذه الأسئلة هو المدخل السليم شريطة أن لا نقف عند المظاهر السطحية. وأن نتعمق بكلّ موضوعية وكلّ شجاعة في البحث عن الأسباب الحقيقية التي حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة.
طبعا ليس المطلوب هو جلد الذات، المطلوب هو استخلاص الدرس من تجارب لم تأت بالنتائج المرتقبة. لقد حان الوقت للتفكير في حلول جذرية تعطى أكلها على الأمد المتوسط والبعيد بعيدا عن الإجراءات الظرفية التي قد تساهم في تلطيف وتأجيل الانعكاسات السلبيّة الخطيرة لا في إزالتها.
أمّا البحث عن الحلول فذلك يتطلب أن نطرح مسالة التشغيل في ترابطها وتشابكها مع المنظومة التربويّة أوّلا ومع الخيارات الاقتصادية ثانيا وأخيرا مع طبيعة العلاقات بين مختلف الأطراف الاجتماعية.
ونحن في التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، نعتقد أن المنظومة التربوية في حاجة إلى مراجعة شاملة حيث تأكد ضعف نجاعتها بالمقارنة مع تكلفتها الباهظة من جهة والتردي المستمر لمستوى منتوجها من جهة أخرى. إنّ الشباب بين 15 و30 سنة يمثل 68.5% من البطالين، فهل إنّ منظومتنا التربوية ليس لها من هدف أساسي ومحوري سوى الحصول على شهادة التعليم العالي فقط؟
وكلّ من بلغ الهدف المنشود لا يفهم ولا يقبل وضعه بل ينفجر عندما لا يحصل على شغل بعدما تجاوز كل العقبات وقام بكل ما طلب منه في إطار التوجيه الذي لا مفر منه … إنّ مشكلة حاملي الشهادات بمثابة القنبلة الموقوتة.
وبالنسبة إلى خيارات الاقتصادية فإننا نعتبر -رغم ما حققته تونس من نسبة نموّ- أنّ السبب الرئيسي للاختلال الذي نعيشه يكمن في تخلي الحكومة عن سياسة إعادة التوزيع التي مكنت من قبل من تقليص حدّة الفوارق وسعت بجدّ إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
واعتقادنا أن بعث شبكات وصناديق وبنوك للتضامن لا يعوّض بأية حال هذا الخيار، إضافة إلى أنّ فلسفة التضامن وثقافته التي نطالب بتنميتها ورعايتها هي في البلدان الديمقراطية من مشمولات المجتمع المدني الذي يتحرك وينشط في كنف الاستقلالية .
من ناحية أخرى وكما أكدته تجارب عديدة وأقرّ به جلّ الأخصائيين فإنّ الإصلاح الاقتصادي يبقى محدود النتائج إذا لم يواكبه إصلاح سياسي يضمن الحريات الأساسية وبخاصة حرية الإعلام ويجسم التفريق بين السلطات وبالخصوص استقلال القضاء.
في نفس هذا التوجه يمكن أن نتحدث عن العلاقات التي لا بدّ من إرسائها بين الأطراف الاجتماعية على أساس التمثيلية الحقيقية التي تضمن نجاعة التفاوض واستقرار الاتفاق.
سيدي رئيس لجنة الاستشارة الوطنية حول التشغيل
سيداتي سادتي
لقد راهنت تونس -في ظروف دقيقة لم تكتمل فيها عناصر الاستقلال- على المرأة في اتجاه تجسيم المساواة وعلى الشباب عبر إرساء نظام تربوي لا يترك أحدا على حافة الطريق ويؤهل أبناءنا وبناتنا لمواجهة تحديات العصر. وقد سخّرت تونس الكثير من إمكانياتها – رغم شحّها – في هذين المجالين وخاصة في مجال التربية.
ولكنّ تعثر التنمية السياسية وغياب آليات المساءلة والمحاسبة وتغييب الرأي المخالف أدّيا إلى ضعف المردودية  وهدر كمّ هام من الطاقات
إنّ طموحنا ليس أن تكون تونس أفضل من البلدان الفقيرة أو البلدان التي فشلت -رغم إمكانياتها- في تحقيق التنمية البشرية. إن طوحنا هو أن تكون تونس في الكوكبة الأمامية من البلدان المتقدمة.
هذا هو عنوان حبنا لتونس وغيرتنا على هذا الوطن العزيز.إنّ الشغل حق لكلّ مواطن وهو عنصر أساسي لإثبات الذات وكسب الكرامة.
خاتمة القول هو أنّ مسألة التشغيل ليست مسألة تقنية بل هي سياسية بالأساس تتطلب معالجتها مراجعة منظومتنا التربوية من أجل إضفاء النجاعة اللازمة في تكوين أجيال المستقبل وإعطائها القدرة على اقتحام سوق الشغل بكفاءة ونجاح. كما يتطلب أن تقوم الدولة بدورها التعديلي من أجل توزيع عادل للثروة الوطنية.
وهاهي الأزمة المالية التي تكتسح يوما بعد يوم أنحاء العالم تؤكد أن انسحاب الدولة من مسؤوليتها يؤدي إلى الانخرام . وقد حصل ذلك في بلدان آمنت خطأ أنّ قانون السوق كفيل وحده بحلّ كل المشاكل.
, رغم ما يتحتم علينا بذله على الصعيد الوطني فلا بدّ من الإشارة إلى أن الحلّ لا يمكن التوصل إليه إلاّ عبر بناء المغرب الكبير. هذا ما يجب أن يكون مشروع الأجيال الصاعدة.
•    إنّ التنمية لا تتحقق فقط بالإجراءات التقنية ولا بالقوانين الداعمة لرجال الأعمال، فالاستثمار الذي نعتبره عنصرا أساسيا من عناصر التنمية، سواء كان وطنيا أو أجنبيا، لا يرتفع حسب التعليمات، ولكنّه يتوفّر إذا وجد المناخ الملائم في إطار دولة القانون ودولة الحرية والديمقراطية..
•    الأخ عادل الرجاء
1.    إضافة الفقرة الخاصة بالتربية صلب النص.
2.    إضافة الخاتمة التي ارتجلتها مع الحديث عن فلسطين و العراق و المغرب العربي

أعضاء لجنة النظام
1.    سهام قاسم المسعدي
2.    الهادي الرداوي
3.    صلاح الدين بوعلي
4.    محمد بن سعيد
5.    كمال رجب
لجنة المراقبة المالية
1- محمد بن عائشة
2- صالح السويسي