بقلم إلياس فخفاخ، عضو المكتب السياسي بحزب التكتل

إن مقاومة الإرهاب تستدعي وحدة وطنية صماء وراء مؤسسة أمنية ناجعة وطالما لم نقف على وضع المؤسسة الأمنية الحقيقي ولم نحدد مشروع وطني لتطويرها وإصلاحها ستكون النجاعة منقوصة والوحدة الوطنية المطلوبة وراء المؤسسة الأمنية مهتزة
لقد بات من أولوية الأوليات الإعلان والشروع في الإصلاح الهيكلي للمؤسسة الأمنية من الناحية العقائدية، والاستعلاماتية والعملياتية وملاءمتها مع المناخين الوطني والإقليمي الجدد. أما على الصعيد الوطني فان الدستور الجديد الذي اخص فصله التاسع عشر للأمن الوطني جاء ليثبت مبادئ الأمن الجمهوري ومسئوليته في حماية الوطن والمواطنين والحقوق والحريات المكتسبة ورغم التأقلم النسبي من المؤسسة الأمنية لهذا الوضع الجديد من حرية للتنظم والاحتجاج والإعلام والتحرك للمجتمع المدني والأحزاب و تقليص لمجال التدخل في الحياة العامة والانتهاكات والتجاوزات وانتهاء الاعتماد على المنظومة الااستعلامتية الوشائية غير الرسمية الذي كان يجسدها الحزب الحاكم المنحل بشعبه المنتشرة في كامل انحاء البلاد فان العقيدة لا زالت ضعيفة والاداء لا يزال متذبذب لانه لن يندرج في خطة شاملة واضحة المعالم والأهداف
وأما على الصعيد الإقليمي فان الوضع المتردي في كامل المنطقة وخاصة على حدودنا الشرقية و تزايد ظاهرتي الإرهاب والتهريب وتنقل الأشخاص والأسلحة بصفة مكثفة إضافة الى الفراغ الأمني الذي حصل سنة الثورة 2011 والذي فتح الباب للارهابين لإدخال السلاح و لخلق معسكرات في المدن والجبال و المهربين للاستقطاب وللانتشار ثم التباطؤ والتساهل في التعامل والتصدي لهاتين الظاهرتين طيلة سنة 2012 شتت صفوف المؤسسة وبين بالوضوح عدم جاهزيتها لمواجهة هذا المناخ الإقليمي الجديد
وللأسف لا زلنا نتعامل مع هذا الموضوع بسجاذة وتبسيط وشعبوية و تعالي أصوات من هنا وهناك لتمجد نجاعة المؤسسة الأمنية زمن الاستبداد والوضع دون الوضع وأخرى للحديث عن تنظيمات موازية تسند لهذا الطرف او ذاك… ولم نقف على الوضع الحقيقي للمؤسسة ونطرح مقاربة عملية شاملة تبدأ بالتشخيص الجدي في ضل الوضع الراهن والوقوف على النقائص سواء من الناحية العملياتية او الاستعلامتية ووضع مخطط شامل للإصلاح والانطلاق في تجسيده يمكن ان تكون انطلاقته وبصفة رمزية و دون انتظار بتغيير اسم الوزارة لتصبح وزارة امن المواطنين وتغيير المقر الى مبنى حديث العهد وبعث وكالة وطنية للاستخبارات ثم لابد ان يشمل مخطط الإصلاح هذا المقاربة التي سيتم اعتمادها لطي صفحة الماضي في ضل العدالة الانتقالية والتي من دونها لا يمكن ان نحقق النقلة المرجوة وانخراط وطمأنة جميع الإطراف من مواطنين وأمنيين. وفي الأخير يجب ان تكون العلاقة بين الشباب والمؤسسة الأمنية في قلب مشروع الإصلاح لان تسلط الأمنيين وتعسفهم المتكرر على جزء كبير من هذه الفئة سواء قبل الثورة أو بعدها ولد علاقة عدائية وصدامية ومن الأساسي التوقف عندها وحلها
ومن اجل هذا نرى من الضروري عقد مؤتمر وطني حول إصلاح المؤسسة الأمنية كتمهيد ومدخل للمؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب المزمع عقده في سبتمبر المقبل