رغم عضوية أحزاب اسرائيلية في التحالف التقدمي العالمي الذي كان حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات عرّاب تأسيسه يوم أمس على أرض تونس مهد «الربيع العربي»، فان أبرز ما سُجل في البيان

المشترك بين أطراف شبكته التي تضم 70 حزبا دعم القضية الفلسطينية والاعتراف بالدولتين والمطالبة بالرجوع لحدود 67 وإيقاف نزيف الاحتلال الإسرائيلي..

غابت الأحزاب الاسرائيلية عن الموكب التأسيسي فيما حضر ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح والمبادرة الوطنية الفلسطينية للترويج للقضية، بمناسبة ميلاد هذا الهيكل العالمي الذي يجمع أحزاب اليسار الاجتماعي التقدمي..

الدستور التقدمي
افتتح مصطفى بن جعفر امين عام حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات الندوة العالمية للتحالف التقدمي، ليعطي بذلك اشارة انطلاق تشكيل الهيكل التنظيمي للتحالف المتكون من هيئة مديرة ومجلس للتحالف.. واعتبر بن جعفر ان ما حققته تونس بمصادقتها على هذا الدستور التقدمي خطوة هامة وقاعدة صلبة لبناء ديمقراطيتنا الناشئة وجمهوريتنا الثانية وذلك بفضل الدور الذي لعبته المنظمات الوطنية الأربعة التي رعت الحوار الوطني مما ساهم في تقريب وجهات النظر وتجاوز فترات التوتر مؤكدا ان موقف التكتل بقي منسجما مع هذا التمشي معددا الاولويات التي تنتظر تونس وهي المصادقة على القانون الانتخابي وتفعيل قانون العدالة الانتقالية وانتخاب هيئة «الحقيقة والكرامة» وارساء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

وأوضح بن جعفر أنه يبقى امام التكتل المحطة الانتخابية القادمة ان تمكّن من تشكيل قوة وسطية تجمع القوى الاجتماعية الديمقراطية لتحقيق توزان واستقرار افضل في المشهد السياسي وذلك للحد من التجاذبات الخطيرة الناتجة عن الاستقطاب الثنائي وما يحمل في طياته من جذور الانقسام وخطر الرجوع الى منظومة الماضي القائمة على الاستبداد والفساد

وبين بن جعفر ان التكتل كان سباقا منذ الايام الاولى للحوار والتواصل مع مختلف الاطراف الاجتماعية والنقابية ومختلف مكونات المجتع المدني التي تتقاسم نفس المبادئ والقيم، معتبرا أن المبادرة التأسيسية لــ«التحالف التقدمي» في تونس لها اكثر من رمزية باعتبار تونس ملهمة الثورات العربية، واعتبر امين عام التكتل ان هذه المبادرة ستكون قاعدة تشاركية للم شمل كل الاحزاب الوسطية في العالم من اجل ارساء صرح ديمقراطي اجتماعي لبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية وتحكمه نظم ديمقراطية تشاركية.

من جهة أخرى دعا محمد الحامدي أمين عام حزب التحالف الديمقراطي خلال مداخلته القوى الديمقراطية اليسارية الاجتماعية للتحالف مستشهدا بقول لكارل ماركس حول عولمة الازمة التي تقود الى عولمة الحل مطالبا بالتوحد ضد الازمات من اجل ايجاد حلول مشيرا الى ان تونس نجحت في الجانب السياسي وتقدمت اشواطا لكنها مازالت هشة فالاستقرار السياسي مهم والديمقراطية بدون مضمون لا معنى لها فالديمقراطية بدون تقاسم اجتماعي للمواطنة باعطاء الاولوية للتنافس في البرامج وليس للصراع الإيديولوجي.. وأشار امين عام التحالف الديمقراطي الى ان حزبه مع نموذج تنموي يخلق الثروة يؤسس للعدالة الاجتماعية ويسعى لتوزيعها توزيعا عادلا بين مختلف فئات الشعب التونسي على حد تعبيره.

خطر الارهاب
افتتح النقاش حول «تحديات المنطقة العربية في عالم متغير» بالحديث عن إمكانيات الأجيال القادمة والقوى الشبابية في المنطقة العربية لتغير الواقع خاصة أمام تنامي الحركات الاصولية ذات المرجعية الدينية وتنامي خطر الإرهاب، وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه دول الربيع العربي وتأثيرها على باقي المنطقة ومساهمتها في دفع الديمقراطية .

خليل الزاوية في كلمته تعرض إلى المسار الثوري الذي عرفته تونس مشيداً بدور الإتحاد العام التونسي للشغل في احتضان وتأطير التحركات الاحتجاجية والمشاركة الهامة للشباب فيها ولم يضع الفرصة دون أن يتعرض إلى الدور الذي لعبه حزب التكتل من أجل انجاح المسار الديمقراطي في البلاد والدفع نحو الوصول إلى توافق وطني، حيث قال بأن التحالف الحكومي مع حزب ذي مرجعية دينية كان هدفه الأساسي هو تحقيق التوافق والوفاق مشيرا إلى أن المصادقة على الدستور الجديد كانت مفاجأة للعالم وحتى على المستوى الوطني مؤكدا على أنه تم عزل كل الأطراف المتشددة والتي تدعو إلى التعصب (العزل المجتمعي) وعن التحديات تحدث خليل الزاوية مؤكداً على ضرورة القضاء على الإرهاب معتبرا أن هذه الظاهرة تم القضاء عليها مجتمعيا ولم يبق سوى حل المسألة أمنيا وضرورة الحزم في هذه القضية.

أشار وزير الشؤون الاجتماعية السابق خليل الزاوية إلى تخلي الشركاء الاقتصاديين لتونس عن دعمها في فترة الانتقال الديمقراطي وخاصة الجانب الاقتصادي مؤكدا على أن مجموعة الثمانية لم تدعم دول المنطقة بما يكفي لمساعدتها على تخطي المشاكل الاقتصادية .

من جانبه تحدث إدريس لشقر ممثل الإتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية بالمغرب عن التجربة المغربية قائلا «المغرب لم يعرف الحراك مؤخرا، المغرب كان استثناء.. فبعد معارك التحرر من الاستعمار في دول المنطقة كل الحركات التحريرية وجدت نفسها في الحكم في المغرب فقد كانت في المعارضة. ولذا فالمغرب كان دوما في حالة حراك اجتماعي لعل أكبر موجات فيها كانت الاخيرة التي أفضت إلى انتخابات نتائجها جاءت لصالح الشق المحافظ مما إنجر عنه العودة مرة أخرى للحراك الاجتماعي للحفاظ على المكتسبات وضمان عدم التراجع خاصة على مستوى الحقوق والحريات، وعن التحديات كانت الأولوية «لأم القضايا» فلسطين كما يحلو للمتدخلين تسميتها، ثم كان الخوف من مسألة فرض النظام الفيدرالي على دول المنطقة التي تعرف بالتنوع العرقي والمذهبي والتقسيمات العشائرية مما يجعل الواقع هشا ومنبئاً بأسوأ السيناريوهات مستدلا في ذلك بالاقتتال في العراق واليمن وانقسام السودان. مؤكداً على ضرورة أن يحترم «سكان الشمال» سيادة القرار الداخلي في «الجنوب».

بقلم: حسان الفطحلي

http://tinyurl.com/nz2y4qz