كلمة مصطفى بن جعفر صبيحة اليوم في افتتاح فعاليات الندوة الوطنية حول “مسار إعداد القانون الإطاري الشامل لمناهضة العنف ضد المرأة” والتي احتضنها المجلس الوطني التأسيسي بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة.

تحتفل تونس، الجمهورية الثانية بالعيد الوطني للمرأة ويحتضن مجلسنا الموقر بهذه المناسبة فعاليات ندوة “مسار إعداد القانون الإطاري الشامل لمناهضة العنف ضد المرأة
ونحيي بهذه المناسبة المرأة التونسية في كامل ربوع تونس وخارجها و كل أمهات شهدائنا الأبرار الذين وهبن فلذات أكبادهن من أجل إعلاء راية هذا الوطن العزيز.
كما نحيي كل المناضلات اللّاتي ضحين وجتهدنا من أجل تونس وكل من ناضل منهن من أجل تكريس الحقوق والحريات عبر تاسيس المنظمات النسائية أمثال بشيرة بن مراد وراضية الحداد وغيرهن ممن كنا في طليعة النضال الوطني من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية.
وإذ نؤكد اليوم مجددا إيماننا بوجوب استمرارية مسيرة الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والمدنية للنساء في بلادنا ونؤكد تمسّكنا بمكاسب المرأة من أجل المساواة و الحرّية و مواصلة العمل من أجل دعم هذه المكاسب و تعميقها ،و نعتبر أنّ المستوى الذي بلغته المرأة التّونسيّة يؤهلها لان تتقلد أعلى المناصب السّياسيّة و الاجتماعية والاقتصادية ولان تساهم في بناء المستقبل وإدارة الشأن العام.
إن المحافظة على المكاسب القانونية لفائدة المرأة وتطويرها يعد بعدا ثابتا في سياسة الدولة التونسية ،التي عملت على ضمان تكافئ الفرص والمساواة بين الجنسيين وإقرار التعليم المجاني والإجباري والمختلط و دفع المرأة للخروج للعمل والمشاركة في الحياة العامة واعتماد سياسة التنظيم العائلي والصحة الإنجابية.
وتعد مجلة الأحوال الشخصية التي نحتفل اليوم بالذكرى 58 لصدورها بمثابة السابقة في العالم العربي الإسلامي واللبنة الأولى في إعادة ترتيب بناء العلاقات بين الجنسيين ومكسبا نفتخر به دعمه المشرع التونسي من خلال مجلة الجنسية التي أقرت حق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها ومجلة الشغل التي كفلت لها حق العمل وضمنت لها المساواة مع الرجل في الاجر والحقوق والواجبات ومجلة الالتزامات والعقود التي أقرت أهليتها في الإلزام والإلتزام .
لقد تواصل التزام تونس مابعد الثورة بتعزيز حقوقها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وتميزت المرحلة الانتقالية بتفعيل الإستراتجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة من ذلك صياغة قانون إطاري شامل لمناهضة العنف ضد المرأة إن وساهم الحراك الهام الذي عرفه النسيج لجمعياتي في تونس بعد 14 جانفي 2011 في نشر ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان.
ونجحت تونس خلال المسار الانتقالي في حماية مكاسب المرأة من خلال دعم الرصيد التشريعي الحداثي الذي تجسد في دستور الجمهورية الثانية من ذلك الفصل 46 الذي ينص على أن الدولة تلتزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها.
وتضمن تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات .كما تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة وتتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة.
ورفعت تونس التحفظات على الاتفاقيات الأممية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها تونس سنة 1985 وتم يوم 17 أفريل 2014 إيداع وثيقة رفع التحفظات بصفة رسمية لدى المصالح المختصة بمنظمة الأمم المتحدة.
كما شهدت الهيئات الدستورية حضورا مميزا للمرأة من ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والوقتية لمراقبة دستورية القوانين و هيئة الحقيقة والكرامة.
إن إعداد القانون الإطاري لمناهضة العنف ضد المرأة يمثل مكسبا تشريعيا كبيرا من أجل حماية الحرمة الجسدية والمعنوية للمرأة التونسية حفاظا على إنسانيتها وكرامتها ومكانتها المتميزة في المجتمع .
وتتمثل أولوياتنا اليوم أساسا في مراجعة النصوص القانونية التميزية ضد المرأة بما يتلاءم ومبدأ المساواة في دستور الجمهورية الثانية والمواثيق الدولية المصادق عليها.
وإعتماد مقاربة النوع الاجتماعي تواجد المرأة في مواقع القرار والمسؤولية ومجال القيادة والتسيير في الأحزاب السياسية والهياكل النقابية والجمعياتية و تعزيز تواجدها في سوق الشغل ودعم مبادراتها في مجال بعث المشاريع و تطوير ثقافة المساواة والتشارك في الحياة الخاصة والعامة.
إن المواطنة حق مضمون وعلى كل مكونات المشهد السياسي في البلاد ان تعمل على تكريس هذا الحق بتفعيل مشاركتهن في الانتخابات القادمة بعد أن في انتخابات 23 أكتوبر 2011 إلا أن نتائج لم تمكن من الفوز إلا ب 65 مقعد من جملة 217 مقعد أي بنسبة تناهز 30% ومن هنا ندعو كل التونسيات إلى تفعيل مشاركتهن في الانتخابات القادمة.
تونس اليوم تفتخر بالمرأة التّونسيّة أمام الشّعوب و الأمم الرّاقية.
تونس اليوم لا يمكن لها أن تتطوّر أو تتقدّم دون مشاركة المرأة إلى جانب الرّجل في كلّ مجالات الحياة السّياسيّة و الاجتماعية و الاقتصادية.
كل عام ونساء تونس بخير.